ضحايا جامعة قناة السويس بالاسماعيليه

كلية السياحه والفنادق

ضحايا جامعة قناة السويس

بقلم خالد صلاح

كنت علي وشك أن أنصح صاحبة الرسالة، التي ستقرأها الآن، وهي من خريجات جامعة قناة السويس، بأن تسافر فورا إلي رفح، لتكون في خدمة جماهير حركة حماس الفلسطينية في مواسم السياحة الإجبارية، التي تدفقت علي الحدود بعد تفجيرات الحدود المصرية، غير أنني خشيت أن يسبقها إلي ذلك متطوعو جماعة الإخوان المسلمين في معسكرات (بيشاور الجديدة)، فتفقد أيضا فرصة وظيفة محتملة.

صاحبة الرسالة (نانو حسن - حسب بريدها الإلكتروني) تقول:

أعرف أنكم مشغولون بهموم عامة كثيرة، ولكن هذة المرة أرغب في أن تشاركني همي الخاص، حتي ولو من باب الاستشارة، وما خاب من استشار.. أنا يا سيدي الفاضل من محافظة الإسماعيلية، وخريجة كلية سياحة وفنادق بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف، قسم إرشاد سياحي جامعة قناة السويس،

عندما التحقت بالكلية لم يكن أمامي سوي ثلاثة خيارات فقط، إما التجارة أو التربية أو كلية السياحة والفنادق، فالتحقت بالأخيرة أملا في أن أحصل علي عمل سريع بعد التخرج، في ضوء ما أسمعه عن نهضة السياحة في مصر، وعن المشروعات السياحية الواعدة في مدن القناة، التي يرددها المسؤولون في الحكومة، ليلا ونهارا، ويغرينا بها أساتذة الجامعة طوال سنوات الدراسة.

ذاكرت، وتعبت، ونجحت، وتخرجت مع مرتبة الشرف، وبدأت رحلة البحث عن عمل في ربوع محافظات القناة، غير أن شيئا من حولي لم يتغير، الإسماعيلية كما هي، والسويس كما هي، لا شيء يوحي بأن هذه المحافظات بدأت تدخل عصر السياحة، أو أنها مدرجة علي خريطة السياحة المصرية، كل شيء ساكن كما كان منذ السنة الأولي لي في الجامعة، وإن أردت العمل في السياحة، فليس أمامي سوي السفر إلي الغردقة أو شرم الشيخ فقط، وكأنه لا سياحة في مصر إلا علي شواطئ البحر الأحمر.

مدن القناة التي تمثل ساحة تاريخية كبيرة لنضال مصر علي مر السنين، لا قيمة لها علي الخريطة السياحية المصرية، وإن أرادت خريجة كلية السياحة والفنادق مثلي أن تعمل في هذه المدن العريقة، فلن تجد بابا واحداً مفتوحاً، أو موقعاً سياحياً علي خريطة التدفق، أو علي جدول الزائرين العرب أو الأجانب.

عندي يا أستاذ مجموعة من الأسئلة، لا أعرف إن كنت تستطيع الإجابة عليها، أولها: ما الذي جعل مدن القناة خارج الخريطة السياحية المصرية؟!، وثانيها: لماذا تقول جامعة قناة السويس إن شعارها الأساسي هو (الجامعة في خدمة المجتمع)؟، هذا شعار غير حقيقي في حالتي وحالة الآلاف من زملائي من خريجي الجامعة، فالمجتمع في مدن القناة لا علاقة له بالسياحة، ولم يشهد بعد التطور الاقتصادي الكافي لاستيعاب الخريجين من التخصصات النوعية المختلفة داخل جامعة قناة السويس.

هل أخطأت عندما صدقت شعار جامعة قناة السويس، أم أن الجامعة أخطأت باستيعابها كل هذه الأعداد في كل التخصصات، ثم في النهاية لا هي تخدمنا بالعلم، ولا هي تخدم المجتمع بما تعلمناه في قاعاتها، أم أن هناك مخطئين أكبر نسوا إدراج محافظات القناة علي الخريطة الاستثمارية والسياحية والتجارية، ماذا أفعل؟

لا أعرف إن كانت جامعة قناة السويس لديها حل، وهي جامعة أغرت الطلاب بفرص العمل الموعودة في مدن القناة، ثم انتهي الأمر كله إلي لا شيء، وهل لدي محافظة الإسماعيلية الحل، أم أنها سقطت من خريطة الاستثمارات، وليست لديها القدرة علي توظيف خريجي الجامعة علي أراضيها؟ هل الحزب الوطني لديه حل أم أن الوعود أكبر من أن تتحقق؟ وهل تستحق مدن القناة نظرة خاصة من الحزب الحاكم أم لا؟

لا أريد أن تكون نصيحتي الأخيرة لهذه الخريجة، هي التطوع في معسكرات (بيشاور الجديدة) علي الحدود.